‏إظهار الرسائل ذات التسميات الثقافي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الثقافي. إظهار كافة الرسائل

اختزال الذات والعالم في كلمات


أبحاث الكتاب تروم محاورة القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة

اختزال الذات والعالم في كلمات

   
محمد نجيم
أصدر الشاعر والناقد المغربي الدكتور أحمد أزنيبر كتابه النقدي الجديد تحت عنوان: “الانحياز إلى القصيدة: قراءات في المتن الشعري الحديث بالمغرب”. وفيه جمع زنيبر قراءات نقدية عملت على مساءلة إشكالية الإبداعية في النصّ الشعري المغربي الحديث وفق مقترح منهجي وتحليلي، خلق صداقة جديدة بين الشعر والنقد من جهة، وعلاقة حميمة بين النص والقارئ من جهة ثانية. قراءات في انحيازها إلى القصيدة تسعى إلى تقليص الهوة بين المنجز الحديث والذائقة الشعرية، بعيدا عن الأحكام الجاهزة والادعاءات المسبقة.
وقد عمل المؤلف على مساءلة عدد من التجارب الشعرية المغربية منها تجارب الشعراء: إدريس الملياني، جمال الموساوي، حسن نجمي، صلاح الوديع، عبد الكريم الطبال، محمد بوجبيري ونجيب خداري، بالإضافة إلى تجارب أخرى قرأت في سياق دراسة عامة، منها تجربة محمد بنطلحة وحسن الأمراني ومحمد علي الرباوي ومصطفى الشليح ووفاء العمراني وأمينة المريني ووداد بنموسى وصلاح بوسريف وعبد السلام المساوي وعبد الرحيم الخصار وياسين عدنان ومحمد بودويك وأحمد آيت وارهام وغيرهم. وهي بحسب زنيبر تجارب جسدت ما عرفه ويعرفه المشهد الشعري المغربي من حركية تمتد في الزمان والمكان وتعكس تماسك بنيته وانفتاح دلالته.
لقد كان الشعر ولا يزال أحد الأشكال التعبيرية التي أمكنها، بصور متفاوتة، أن تختزل الذات والعالم في كلمات، تستعيد الماضي وتُلامس اليومي وتشارف الآتي والمستقبل. وبقدر ما يمنحه الشعر من أفق للتفكير والتعبير بقدر ما يحرص هذا الشاعر أو ذاك، على نقل لحظات مكابداته ومعاناته، من جهة، ورسم أشكال تفاعلاته وانفعالاته بالذات والآخر، من جهة ثانية. وما الشعر سوى معبر لهذا الطموح الفني والإنساني. ولأن الشعر حسب أحمد أزنيبر في مقدمة الكتاب هو “تجديد للحياة وتطوير للفكر وانتصار للجمال؛ فإن تلقيه اتخذ أشكالا متعددة تبعا لنوعية القارئ/ المتلقي. ومن ثمة، توالت الأسئلة النظرية واكتسبت مشروعيتها، من قبيل: ما الفارق بين الكلام الشعري والكلام العادي؟ ما الذي يضمن للقصيدة بعديها الواقعي والجمالي؟ كيف تجاوز القصيدة لحظة الكتابة إلى لحظة أكثر انفتاحا؟ ماذا عن الشعراء ومرجعياتهم المعتمدة داخل القصيدة، كإبداع؟ وهل يمكن الحديث عن أجيال شعرية ووفق أي معيار؟ كيف تسنى للشاعر المغربي أن يعبر، بواسطة اللغة وعناصر أخرى مصاحبة، عن محيطه ومجتمعه وما حولهما، وأن يصور ما بالدواخل من هواجس وهموم ورغبات، فردية كانت أم جماعية؟ ما نوع الأسئلة التي راهن عليها الشاعر الحديث، كأفق إبداعي مفتوح على التجارب العالمية والكونية؟ ثم ماذا عن الإيقاع وألوانه الجديدة؟.

ويرى الدكتور أزنيبر أن الشعرية الجديدة اليوم، في حاجة ماسة إلى نقد يعرف بها ويقترب من عوالمها المغايرة. نقد يمد جسور التواصل بين الشاعر وقارئه، ويقلص الهوة بين المنجز الحديث والذائقة الشعرية، بعيدا عن الأحكام الجاهزة والادعاءات المسبقة. ولعلنا بهذه القراءات، التي تنحو منحى تحليليا بالأساس وتدعو القارئ للاستمتاع بجمالية المقروء. وقد حاول الكتاب ان يقرأ ـ مرحليا ـ نصوصا مغربية، من هنا وهناك، على سبيل النمذجة ليس إلا؛ رتبت بحسب الأحرف الأبجدية لأسماء الشعراء، منها تجارب كل من إدريس الملياني وجمال الموساوي وحسن نجمي وصلاح الوديع وعبد الكريم الطبال ومحمد بوجبيري ونجيب خداري إضافة إلى تجارب أخرى قرأت في سياق دراسة عامة منها تجربة محمد بنطلحة وحسن الأمراني، ومحمد علي الرباوي ومصطفى الشليح ووفاء العمراني ووداد بنموسى وأمينة المريني وعبد السلام المساوي وصلاح بوسريف وياسين عدنان ومحمد بودويك وآيت وارهام، وغيرهم. تجارب جسدت، بصورة أو بأخرى، ما عرفه ويعرفه المشهد الشعري المغربي من حركية تمتد في الزمان والمكان وتعكس تماسك بنيته وانفتاح دلالته.أسئلة وأخرى، تمثل مدخلا من بين مداخل كبرى، تروم محاورة القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة، بغية استجلاء خصائصها الفنية والجمالية الثانوية فيها، على مستوى الشكل والمضمون معا. ولعلها، في الغالب، أسئلة يعنى بها القارئ والناقد والشاعر، على حد سواء.

ولأن النقد محاورة ومصاحبة للإبداع؛ فإن استحضار شرطي المتعة والفائدة يظلان أمرا مطلوبا يحقق للذات الكاتبة، في تعاملها مع المقروء وصاحبه، فرصة للتواصل والحوار والمكاشفة. وبهذا المعنى، تصبح الكتابة النقدية فعلا ثقافيا بامتياز، لا يقل أهمية عن الكتابة الإبداعية، فهي اختيار نابع من قناعة تجعلها جزءا من اليومي ولحظة لا غنى عنها لمواصلة الطريق اللانهائي، نحو البحث والتأمل وطلب المتعة وجلب الفائدة. هنا يلتقي الإبداعي بالنقدي، فيصيران وجهين لعملة أدبية واحدة.
لاحظ الدكتور زنيبر خلال تتبع لمسار التجارب الشعرية المغربية، التنوع الحاصل في مقاربة الشعراء المغاربة للموضوعات وفي تعاملهم مع القصيدة، كشكل وبناء حيث تنوعت تبعا لذلك، سائر المستويات اللغوية والتركيبية والتصويرية والموسيقية، داخل كل تجربة على حدة موضوعات جاوزت حدود الذات الشاعرة إلى عوالم أخرى واقعية ومتخلية إنسانية وكونية، مما أبان عن غنى وثراء في المرجعية وانفتاح على الثقافات العربية منها والأجنبية.
لقد حضرت “الذات” في هذه التجارب المختارة، بشكل لافت كموضوع أثير لدى أغلب الشعراء؛ غير أن هذا الحضور اتخذ أشكالا مختلفة تفاوتت قيمتها الواقعية و الرمزية في آن، بتفاوت وجهات النظر، وكذلك بتفاوت طرائق الاشتغال لغة وتعبيرا وصورة وإيقاعا.
ولما كانت الذات باعتبارها مصدرا من مصادر الإبداع الشعري، فقد كان رصد علاقاتها بالآخر الشعري تارة، وتصوير حالات تفاعلها وانفعالها بالواقع والمحيط من حولها تارة أخرى، أمرا مبررا يبين عن وعي الشعراء المغاربة بما للشعر من أهمية بالغة في ربط جسور التواصل في ما بينهم كمبدعين وبين القارئ المفترض.
صدر الكتاب عن منشورات اتحاد كتاب المغرب بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويقع في 122 صفحة من القطع الكبير، فيما لوحة الغلاف كانت من تصميم الفنان المغربي خليل غريب.

قلم الرئيس.. المتكلم

كاتب خطب ساركوزي يكشف أحاديث «الليل والنهار» في قصر الإليزيه

قلم الرئيس.. المتكلم

الطيب بشير
هنري جنينو مؤلف كتاب “الليل والنهار” عمل لمدة خمس سنوات مستشاراً خاصاً للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وكان من المقربين منه، وهو الذي كان يحرر له كل خطبه، وقد أصدر هذا الكتاب الذي ضمنه يومياته في قصر الإليزيه وكشف فيه خفايا بعض القرارات، وتولى فيه دفاعاً مستميتاً عن شخص الرئيس السابق وسياسته الداخلية والخارجية.
والمؤلف تمكن من الاطلاع عن كثب على كيفية طبخ القرارات، كما استطاع أن يقف على مختلف التجاذبات بين مستشاري الرئيس، لذلك جاء هذا الكتاب شهادة حية عن كواليس الحكم في قصر الاليزيه خلال السنوات الخمس التي حكم فيها نيكولا ساركوزي فرنسا.
يصف الكاتب ساعة مغادرة ساركوزي قصر الإليزيه يوم انتهاء فترة حكمه، بعد خسارته الانتخابات الرئاسيّة أمام الاشتراكي فرانسوا هولاند يقول: “اجتمع الرئيس بمستشاريه، وقال لنا: “لا يجب أن تشعروا بالمرارة فلا شيء يمكن بناؤه على الشعور بالمرارة”. ويعترف المؤلف الذي كان كبير المستشارين للرئيس أنه هو شخصيا لم يشعر بالمرارة والهزيمة، ملاحظاً أنه يقال إنّ رجل السياسة ـ في أي موقع كان ـ عندما يفقد السلطة فإنه يشعر بحال من الانهيار، ولكن المؤلف ـ حسب زعمه ـ لم يتملكه هذا الإحساس ولكنّه شعر فقط بالحزن ليس لأنه سيغادر قصرالإليزيه الذي عاش، وعمل به خمس سنوات بأكملها، ولكن لأن الرئيس خسر الانتخابات.حسرة وحزن

وذكر المؤلف أنه خلال الأشهر الأخيرة من حكم ساركوزي فإن بعض مساعديه وزملائه كانوا يعبّرون له عن حسرتهم من خسارة ساركوزي المحتملة للانتخابات، فكان ردّه دائما: “إنّ ونستن تشرشل خسر الانتخابات عام 1945 رغم أنه ربح الحرب، وكان ذلك افضل مما لو ربح الانتخابات وخسر الحرب”. ويكشف هنري جنينو أنه عند وصوله إلى الاليزيه لتسلم مهامه، بعد أن اصطفاه الرئيس، لاحظ ان ساركوزي كان محبطا على المستوى الشخصي، وكان يشعر بمرارة كبيرة بسبب قرار زوجته سيسيليا الانفصال عنه وطلبها الطلاق، فلقد عاش الرئيس هذه القصة ـ كما جاء في الكتاب ـ مأساة، فقد تمسكت سيسيليا بالطلاق بعد اكتشافها خيانة زوجها ميكولا ساركوزي لها، ورغم انها أصبحت سيدة فرنسا الأولى، إلا أنها أصرت على الانفصال، وهو ما حز في نفس الرئيس وخلف لديه مرارة.
ويغتنم الكاتب سرد ذكرياته عن فترة عمله مستشارا للرئيس الفرنسي السابق، ليسترجع ذكرياته الشخصيّة متحدّثا عن حزنه العميق لفقدانه والدته مبكرّا، فقد ماتت وهي في الثالثة والأربعين من العمر، عندما كان هو في العشرين، ويعدّد محاسن هذه الأمّ التي قال إنها لم تعرف الراحة يوماً ولم تذق طعم السعادة إلاّ نادرا، علما بأن المؤلف ينتمي الى عائلة بسيطة فأمه كانت تعمل منظفة وهو مجهول الأب.
وقد تخرج هنري غنينو من المعهد العالي للدراسات السياسية بباريس، وعمل في وطائف سامية في عديد هياكل الدولة، كما عمل ايضا مع جاك شيراك قبل ان يلتحق بقصر الإليزيه للعمل مع ساركوزي. وهو في هذا الكتاب يقدم في بعض الصفحات مقارنة بين شخصيتي جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ورغم ان الرأي العام الفرنسي والعالمي يعد جاك شيراك رجل دولة من الطراز الأول، وانه أكثر كفاءة من خليفته نيكولا ساركوزي، إلا أن المؤلف سعى الى تفنيد هذا الرأي السائد، ولكنه لم يكن مقنعا في دفاعه.
يقول المؤلف في كتابه أن صورة نيكولا ساركوزي لدى الرأي العام تختلف عن حقيقته، وبحكم قربه منه على امتداد خمس سنوات بأكملها، فإن هنري جنينو يؤكد أنه تعرف إلى شحصية ساركوزي الحقيقية التي لا تمت بصلة ـ حسب رأيه ـ للصورة التي رسخها الإعلام في أذهان الفرنسيين، والتي قال إنها صورة كاريكاتورية. وواصل المؤلف ـ حتى بعد مغادرة ساركوزي السلطة ـ في عملية تلميع صورته، فيقول في الكتاب في هذا السياق: “إني أذكر محادثتين مع الرئيس ليلا، فبعد تناول العشاء كان أحيانا يزورني في مكتبي، عندما أكون بصدد الكتابة وكنا نتبادل الرأي في مسائل هامة وأساسية، وكنا نتناقش بهدوء فيما يجب أن يقوله الرئيس عندما يكون عنده اجتماع”. ويضيف: “وبعد انتهاء النقاش وتبادل الرأي مع الرئيس، فإني أحيانا أقضي الليل بأكمله إلى مطلع الفجر لأحرر خطاب الرئيس الذي سيلقيه في اليوم التالي”. وقد اختارالمؤلف “الليل والنهار” عنوانا لكتابه للتدليل، على أنه يعمل ليلاً نهاراً في خدمة الدولة ورئيس الدولة الذي اصطفاه مستشاراً له، والخطاب ـ كما يقول المؤلف ـ هو كخيط بين الرئيس والجمهور، والذي يستمع إليه لا يجب أن يقطع أبدا.
والكتاب يأخذ القارئ في رحلة الى أروقة قصر الإليزيه وقاعاته وكواليسه، ويفسر للقارئ كيفية اعداده لخطب الرئيس وأسلوبه في استيعاب أفكار الرئيس لتحويلها الى كلمات وخطب.
تهمة عنصرية
ولأن المؤلف هنري جنينو هو كاتب خطب الرئيس ولأن خطابا ألقاه ساركوزي في عاصمة السنغال داكار أثار عند إلقائه ضجة كبيرة بسبب جملة وردت فيه جاء فيها “إن مأساة أفريقيا هي ان الانسان الإفريقي لم يدخل بعد في التاريخ” فقد أجمع المعلقون على ان الخطاب تضمن أفكارا عنصرية، وأثارت هذه الجملة ردود فعل كثيرة، وعاد المؤلف في كتابه الى هذه المسألة التي أثارت زوبعة ليدافع بصفته محرر الخطاب عن نفسه، مؤكدا أنه ليس عنصرياً إطلاقاً، وان الجملة التي تناقلتها كل الأوساط السياسية والإعلامية تم اجتثاثها من سياقها عمدا وفق ما قاله جنينو. لكن هناك من يؤكد أن المؤلف معروف بنرجسيته، فهو رجل ذكي ولكنه مغرور فكرياً، حتى انه لم يكن يقبل أي تحوير للخطب التي كان يحررها للرئيس رغم اعتراض بعض المستشارين على بعض ما يرد فيها.
وسعى هنري جنينو في كتابه ـ وفاء منه للرئيس ـ الى تقديم صورة مجملة عنه فهو، حسبما جاء في الكتاب، رجل مرهف الأحاسيس وانساني، وهي صورة أراد المؤلف من خلالها محو ما رسخ في أذهان أغلب الفرنسيين عن رئيسهم السابق من أنه رجل انتهازي ومحب للمال والبذخ والبهرج.
ولم يجد هنري غنينو حرجا في القول إن ساركوزي هو رجل “بقدر سعيه بأن يحب بقدر حاجته الدائمة الى الشعور بأنه محبوب، وهو ما جعله هشاً”.
والكتاب تضمن يعض ما رآه المؤلف ولاحظه أثناء عمله في قصر الإليزيه والكثير مما سمعه أو قاله، وقد عاب عليه البعض كثرة كلامه حتى أنهم أطلقوا عليه صفة “القلم المتكلم”..

سلطة أمراء السلاح و«السلام»


سلطة أمراء السلاح و«السلام»



   
تاريخ النشر: الخميس 25 أكتوبر 2012
عماد جانبيه
يعتبر كمال ديب مؤلف كتاب “أمراء الحرب وتجار الهيكل/ رجال السلطة والمال في لبنان”، أن العام 1975 كان نقطة فاصلة في تاريخ لبنان الطويل، يفصل بين ما جرى قبله من أحداث وبين كوارث جسام أصابته، من حرب محلية إقليمية طويلة وأزمات اقتصادية وسياسية، متفجرة أحياناً، ما زال لبنان يعالجها حتى اليوم.
حتى العام 1975 المصيري، كانت بيروت غنية ومتحررة تضج بالحياة والثروة والنشاط وتشكّل نطاقاً مفتوحاً للاتجاهات والتيارات من الشرق والغرب.
ويذكر المؤلف بأن اللبنانيين قد ناموا ليلة 12 نيسان 1975 على أحلام مستقبل سعيد وبحبوحة متزايدة، واستيقظوا يوم 13 نيسان على حرب ضروس استمرت 15 عاماً. كلّفت هذه الحرب لبنان خسائر بشرية ومادية خطيرة وجسيمة قياساً الى عدد سكانه ومساحته. ولم يسجل العام 1990 نهاية المصائب، بل ظهرت أزمات اقتصادية مهلكة في غياب مشروع مالي دولي لإعادة الإعمار، واستمرت اسرائيل في احتلال جزء مهم من لبنان حتى العام 2000 وعملت سوريا على تثبيت نفوذها عبر التأثير على مجريات النظام السياسي اللبناني وبالتالي على مجمل النشاط الاقتصادي والاجتماعي. ووصلت الأمور الى ذروتها عام 2005 حيث أدّت سلسلة أحداث تاريخية الى اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 وخروج القوات السورية من لبنان في أبريل من العام نفسه، وعودة قوى سياسية لبنانية الى ساحة العمل، وارتباط مصير لبنان بصورة أوضح بالقرار الدولي عبر قرارات مجلس الأمن والدور المتعاظم لفرنسا والولايات المتحدة، وصولاً الى حرب أخرى مع إسرائيل في صيف 2006
يذكر المؤلف بأنه في العام 1980 وفي مقابلة مع مجلة أميركية، عبّر وليد جنبلاط زعيم الميليشيا الدرزية، عن خوفه من ركوب قطار الأنفاق في مدينة نيويورك. ولكنه في إقطاعيته الجبلية جنوب بيروت كان أمير حرب مهيب، يقود آلاف المقاتلين، ويقيم في قصر تاريخي في بلدة المختارة. ولم يقتصر دور أمير الحرب الذي حكم إقطاعية أو كانتوناً على زعيم الدروز، اذ خلال فترة الحرب الممتدة من 1975 الى 1990، طغى في لبنان عدّة أمراء حرب ينطبق عليهم، مثل السيد جنبلاط، اللقب الإيطالي Don، ومنهم على سبيل المثال آل فرنجية وآل الجميل وآل شمعون ونبيه بري وغيرهم.
يشدد هذا الكتاب على مسألتين: أولاهما أن الشخصيات هي التي رسمت وترسم أحداث هذا البلد، وليست الأحداث هي التي فرضت أمراً واقعاً وكأن الزعامات لا حول لها. والثانية، أن هذه الشخصيات المحلية هي الأكثر تأثيراً في أحداث لبنان من الشخصيات الإقليمية أو الدولية. وسبب هذا التشديد المزدوج على الدور الشخصي لأمراء الحرب والتجار هو غياب كتابات جدية ناقدة حول هؤلاء ودورهم في خلق لبنان، وتالياً في تدميره المادي والنفسي وانهياره المالي. وفي رأي المؤلف إن الطبقة الحاكمة في لبنان ـ سياسية واقتصادية ـ كانت وما تزال قبلية، تنضج بتجمع عائلات وائتلاف زعامات فردية هي في الحقيقة مجموعة حكام لمناطق يحظى كل منهم باستقلال شبه ذاتي في زمن السلم وشبه كامل في زمن الحرب. وينضم الى أمراء الحرب مجموعة من أصحاب الأعمال الذين يفضلون تعاطي المناورات وعقد الصفقات المربحة في مكاتبهم الفاخرة في مبان حديثة تزيّن شوارع بيروت، ويساهمون بوسائل مختلفة في الحرب والسلم المحليين.
عقلية تجارية
ويشير كمال ديب، الى ان تجذر العقلية التجارية في لبنان هو تقليد قديم، بدأ مع الفينيقيين قبل ثلاثة آلاف عام، واستمر مع تجار دمشق والبندقية منذ القرن الخامس عشر، واستفحل منذ القرن التاسع عشر مع بيروت المشرقية. ولكن لبنان القرن العشرين لم يصل الى النتيجة الطبيعية لتطوّر النظام الرأسمالي، ولم يخضع لعملية التحوّل الرأسمالي المستثمر والمبدع الذي أدى الى ولادة ديزني لاند مثلاً أو لاختراع التلفون الخليوي وخدماته الالكترونية التي تتطور كل يوم. ذلك أن التراث التجاري المشرقي الذي استمرّ في لبنان، دون غيره من دول المنطقة، تحوّل الى قالب جامد وغير مثير يستعيد ما يظن أنه نجاحات الماضي حيث يلتقي أصحاب النفوذ الاقتصادي والسياسي حول تبادل الخدمات والمنافع والبضائع بدون حوافز نهضة اقتصادية حقيقية كما حدث في تايوان وهونغ كونغ وكوريا وايرلندا. ولقد صبغ هؤلاء الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان حتى أصبحت مسألة الانضمام الى طبقتهم فناً بحد ذاته ونمط حياة استهلاكية يسعى اليه المواطن.
ويذكر المؤلف في مضمون هذا الكتاب بأن ثمة عائلات صنعت مؤسسة عليا غير رسمية تجمع أمراء الحرب والتجار وأصحاب الأعمال على المصالح الخاصة، وتلعب هذه المؤسسة الدور الأكبر في الحياة المعاصرة اللبنانية مهما كان حجم النفوذ أو التدخل الخارجيين في لبنان، ومهما عظم شأن الأطراف الإقليمية أو الدولية وقوتها.
ولا يقتصر هذا التوصيف على العقود الأخيرة، بل يصف لبنان بأنه بلد قديم ذكر مراراً في كتاب العهد القديم، جذوره تعود الى الزمن ما قبل الكلاسيكي (أي قبل أثينا وروما) في التقويم الغربي، وصعوده الحديث يترافق مع التغلغل الثقافي والاقتصادي الأوروبي في منطقة شرق المتوسط منذ القرن السابع عشر. ومع مرور الوقت، سمح هذا التغلغل لبيروت أن تصبح مركزاً تجارياً عالمياً، تفتخر بصروح التعليم الجامعي العديدة، وبالمصارف والمؤسسات التجارية التي انتعشت في وسطها. ولكن هذا النمو أوصل دولة لبنان في القرن العشرين الى وضع هجين: فورة اقتصادية سطحية وسط وضع اجتماعي هش غابت عنه المساواة الاقتصادية والثقافية، وقاعدة بشرية متعددة الديانات والولاءات. حتى قبل اندلاع الحرب عام 1975، بدت معالم الأمراض المزمنة واضحة حيث احتكرت بيروت وبعض ضواحيها الثروة الاقتصادية والمعارف والسلطة، في حين استسلمت مناطق الأطراف لحياة الإقطاع والتخلف والحرمان.
وينبّه المؤلف إلى أن من يراقب الوضع اللبناني في بداية القرن الحادي والعشرين، ومن منطلق العام 2006 تحديداً، سيستنتج أن التبدلات الاجتماعية الكبرى والكوارث الأهلية التي حدثت في الفترة الممتدة من العام 1958 وحتى 2005 لم تؤد الى تغيير في النظام القبلي الطائفي المستمر منذ قرون. وحتى عندما توصل أمراء الحرب الى اتفاق وطني عام 1989. كان أساس “الجمهورية الثانية” (وهي تسمية ورثها لبنان من التقليد الفرنسي) هو المزيد من الإغراق في الطقوس التقليدية، ومن المحتمل أن يكون الاحتقان الطائفي في بداية القرن الحادي والعشرين أكثر منه في سبعينات القرن العشرين. اذ أعاد “اتفاق الطائف” توزيع السلطة استناداً الى شروط أمراء الحرب وحسب. وكان منطق ذلك أن نظام أمراء الحرب قد ساهم في تأمين الاستمرارية الشرعية والشعبية في الحكم خلال ألف عام، ويمكن تغيير هذا النظام “ليبدو” حديثاً ومتجاوباً مع مطالب قوى التغيير في المجتمع. وهكذا ارتدت النسخة المنقحة من النظام التقليدي حلتها الجديدة عام 1989 تحت تسمية اتفاق الطائف. فكان أكبر إنجاز حققه أمراء الحرب في اتفاق الطائف أنه ضمن دورهم في مستقبل لبنان لأجيال قادمة مقابل تراجع أسهم الدولة العلمانية الليبرالية الديمقراطية.
مقولات متضادة
ويسلط المؤلف الضوء على مقولات تداولتها اللغة السياسية اللبنانية، منها مقولة مفادها ان “الشعب اللبناني لا علاقة له بحروب الآخرين على أرضه”. والمقصود بالآخرين هم الأميركيون والاسرائيليون والفلسطينيون والسوريون والعراقيون والايرانيون الذين “خاضوا حروبهم القذرة في لبنان فيما كان الشعب اللبناني المسالم يقف جانباً يراقب ما يحدث”. وتحمل هذه المقولة جزءاً من الحقيقة، إلا أنها قللت من تعقيدات الصراع الداخلي اللبناني المحض. وهناك أدلة كثيرة ترفض محاولات تقليص مشاكل لبنان الى مقولة “العذاب اللبناني الطويل على أيدي الغرباء الأشرار”.
المعضلة ـ في رأي كمال ديب ـ كانت لبنانية أساساً، بمضاعفات اقليمية، إذ لا يمكن نكران الانفجار الاجتماعي المحلي الذي طفا على سطح الأحداث وكان من المسببات الرئيسية للحرب التي بدأت عام 1975. لقد وجّه أمراء الحرب الدعوة للأطراف الخارجية للتدخل في شؤون لبنان، كما شجع بعض أمراء الحرب التدخل الخارجي ولو لم بتعامل مباشرة مع التدخل. ولكن في الحالتين عمل هؤلاء على الاستفادة من هذا التدخل. فإذا كان لب الأزمة في لبنان هوحروب الآخرين والتدخل الخارجي، فسيجد المراقب صعوبة في توضيح سبب استمرار الصراع الأهلي في الثمانينات بعد خروج الجيوش الأجنبية من بؤر التوتر في لبنان ما منح فرصة تاريخية للبنانيين لرأب الصدع. فالحرب اللبنانية استمرت بعد العام 1982 وقام اللبنانيون بنحر بعضهم البعض على وتيرة غير مسبوقة. وفي معظم الأحيان كانت المعارك تدور بين من كانوا حلفاء الأمس أو بين أبناء طائفة بعينها، حيث شهد عقد الثمانينات حروباً أهلية صغيرة داخل صفوف المسيحيين والمسلمين.
لقد دفع لبنان ثمناً باهظاً للمعايير النمطية التي أتبعها الإعلام الغربي والحكومات الغربية بشغف. وهذا ما برز بوضوح بعد نهاية الحرب الأهلية عام 1990. فقد غاب لبنان عن رادار وسائل الإعلام العالمية التي توجهت الى بؤر أخرى أكثر سخونة في العالم في التسعينات، رغم مآسيه الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
أما قصة لبنان كمجتمع فقد اختفت وأهمل وضع الشعب اللبناني ومعاناته الطويلة. فلم يكن هناك “مشروع مارشال” دولي لإعادة الإعمار والتنمية في سنوات ما بعد الحرب، كما حدث لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فغرقت الدولة اللبنانية بالديون في التسعينات، لأسباب متعددة، منها المحاولة الجبارة لتنفيذ مشاريع كبرى حيوية وضرورية لعودة عجلة الاقتصاد الى سابق مجدها، دون إغفال دور الهدر والفساد في التدهور المالي.

الخلاصة.. إنسان

 غالب غانم يروي سيرته في محراب القانون والعدالة

الخلاصة.. إنسان

في كتابه “باسم الشعب... وللشعب” يتحدث القاضي اللبناني غالب غانم عن اختياره لهذا السلك وحياته المديدة فيه، ويطرح تساؤلات عن مهنة المحاماة والقضاء، وبالتالي قضية العدالة، وفي ذلك يقول: “هل القضاء وسيلة أم غاية، أم الصورتان معاً... وهل آتي إليه لأن والدتي كانت تحدثني عن هيبة القاضي وتصنّفه في أعالي اللوحة الاجتماعية المتعدّدة المواقع والأنسجة. ولأن أبناء الأرياف، وأنا منهم، يخصّون القاضي بإجلال لا تحظى به عادة إلا فئات قليلة مختارة؟ وفي صدارة الأسئلة ايضاً، وهي هذه المرة من النوع الشائك الداخل في صميم الموضوع، بل في صميم المشكلة القضائية على إطلاقها: هل ان القضاء متعة أم مشقّة؟ رخاءٌ وارتخاء أم تهيؤ مستديم لاتخاذ موقف ولتحَمُّل الأصعب من المسؤوليات؟ وهل هو عطاء حتى التفاني، أم أخذ حتى تجاوز الخطوط، بأحمرها “وأصفرها وأخضرها”؟ ولنقل اكثر: هل يأتي القاضي الى هذا المحراب لبلسمة جراح الناس الطيّبين، وللانتصار لصاحب الحق، ضعيفاً كان أو قوياً... على ألا ينسى أن اليتامى والأيامى والمظلومين وأبناء السبيل والمكسورة شوكتهم والمأكول زادهم والمغلوبة إرادتهم والممتهنة كراماتهم من قبل أصحاب النّهم والغطرسة والاستكبار، هم دائماً الأضعف والأجدر بالحماية!... أم أنه يأتي للسّعي الى صدارة أو ليستظلّ قامة متصدّرين وليرضي ذوي نفوذ، سمّهم ما شئت... سياسيين كانوا أم غير سياسيين؟ ويتناول المؤلف الثقافات التي رسخت قواعد القضاء، ومنها “الإرث الذي آل الينا عن الأسلاف العرب، وعن أئمّة المسلمين، وهو حافل بأماثيل قضائية استحالت مدرسةً في ميدانها. فمن عهد الخليفة عمر حيث يقول لواليه: “آسِ بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمح شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك..” الى عهد الإمام علي وفيه يقول لواليه: “ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور... ولا يكتفي بأدنى فهم دون اقصاء... وأَصرَمهُم عند اتّضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراءً، ولا يستميله إغراء...”.
ويستطرد غانم قائلا: “من هذه الثقافات تلك الهابة علينا من وراء البحار. من عهد ارسطو اليوناني وقولته إنه من طبيعة الإنصاف أن يقَوّم اعوجاج القانون، حيث يخطىْ. ومن عهد سينيك (Sénéque) الروماني الذي كان يتوجه الى نيرون ـ وهو أظلمُ من ظلَم ـ بقوله إن العقوبة العادلة هي العقوبة المتوازنة لا المفرطة او المتهورة. حدث ذلك حين كان نيرون يستعد لإحراق روما انتقاماً من نفسه لنفسه لأنه لم يتمكن من نظم بيت واحد من الشعر. كما يقول التاريخ، أو كما تقول الاسطورة... ومن عهد مونتسكيو الفرنسي رائد نظرية فصل السلطات والخائف رغم ذلك من تعدّي السلطة القضائية على السلطة التشريعية، حين قال “ليس القاضي غير الفم الذي يلفظ كلمات القانون...”.
ويتناول المؤلف ما يسميه “القضاء والحرية ذاتُ اللغتين”، فيقول: “سُئلت مرة عن الكلمة الأحبّ الى قلبي فتردّدت حول اختيار واحدة من هذه: الحرية، العدالة، الانفتاح، السلام، الرحمة... وما لبثت أن حزمت أمري واخترت الحرية وقلت فيها “ما لم يقله مالك في الخمرة” والعشّاق المجانين في الحب”.

ويستخلص القاضي المتقاعد من سيرته مقولة معبرة: “لم أعد محامياً.. لم أعد قاضياً، لم أعد ىسوى انسان”، ويقول: حاولت، بعد انتمائي الى القضاء، ألاّ أتغير. لم أغيّر مشيتي ولا لهجتي ولا البساطة في تصرفي. وحافظت، بصورة خاصة، على الروافد الأصلية التي تتكوّن منها مناقبيتي. ومن المؤكد أنني لن أعدّدها لو ذكرتها ـ ما عدا النزعة الجليّة الى الاستقلال التي أعلنها باستمرار ـ لأمكن تصنيف ذلك في باب الفخر، وهو أبعد ما أميل اليه. هذا التطابق في الحالين لا ينفي وجوب تمتع القاضي بفضيلة “المسافة” عن الذات أولاً، وعن السلطات، وعن كل أنواع الإغراءات... بدون هذه المسافة تفقد المهنة القضائية خصيصة تقيها التجارب وألوان الضغوط وفواح تفاح الجنة الذي جرّ الانسان الى الخطيئة الأصلية، وفق ما هو مأثور عن الأبوين الأولين”.
ويختم القاضي غالب غانم بأمنية الانتماء الى ما قاله انطونان بسّون (Antonin Besson) مدّعي عام الجمهورية الفرنسي “في التحليل الأخير، لم أعد قاضياً، لم أعد محامياً، لم أعد سوى انسان، وهذه أرفع صفة تخوّلني التحدّث عن عدالة البشر”.

عنف وسياسة وانتخابات

رواية عاشرة لتوني موريسون عن آثام العنصرية في أميركا في الخمسينيات

عنف وسياسة وانتخابات


   
الطيب بشير
الروائية الأميركية الزنجية توني موريسون، وقد بلغت الواحدة والثمانين من العمر، تعد نجمة في عالم الأدب في بلادها، بل إن الاوساط الثقافية الأميركية والغربية عموما تطلق عليها صفة: “الروائية الأسطورة” لما لها من اشعاع فكري ووزن ايضا في المجال الاجتماعي والسياسي. موريسون الحاصلة على جائزة نوبل للآداب نشرت هذه الأيام رواية جديدة موضوعها العنصرية في الولايات الأميركية في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، بعنوان HOME (بيت أو وطن).
والروائية الشهيرة التي قلّدها الرئيس باراك أوباما مؤخرا ميدالية “الحريّة” لم تعد بحكم تقدمها في السن تخرج من بيتها الكائن في إحدى ضواحي مدينة نيويورك، ولكنها لم تفقد شيئا من حيويتها الفكرية، وهي في روايتها الجديدة، والتي ترجمت الى اللغة الفرنسية عرّت صورة أميركا العنصرية في الخمسينيات من القرن الماضي، وكشفت عن الوجه القبيح للولايات المتحدة في تلك الفترة من تاريخها، وهي صورة مختلفة تماما عن صورة “البطاقة البريدية” التي يريد الأميركيون تسويقها عبر أفلامهم وكتبهم. وتؤكد الروائية أن أولئك أرادوا تسويق “الحلوى” عند حديثهم عن الزمن الجميل.
والرواية تحكي قصة شاب واخته، وهما من السود الأميركيين، ينتميان الى عائلة معوزة، وتعرضت الى العنف العنصري من البيض، ما خلف جروحا نفسية لا تندمل في أعماق كل فرد فيها.

وبطل الرواية “فرانك” شارك في حرب كوريا، ولكن عند عودته عانى كثيرا عنصرية مقيتة باعتباره من السود، والروائية أرادت من خلال سرد قصة أخوين اثنين تصوير فترة كاملة في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية المعاصر، وتؤكد توني موريسون ان السود في الخمسينيات كانوا يتسولون في الشوارع ويموتون اغتيالاً أمام البيض في شوارع المدن دون أن تحرك تلك المشاهد مشاعر البيض. مضيفة في تعليق لها على روايتها ان الأسود الأميركي كان منبوذاً محتقراً، حتى أنه من الصعب عندما ينتقل من مدينة الى اخرى لقضاء شأن من الشؤون أن يجد غرفة في فندق يقضي بها ليلة أو ليلتين، فالفنادق لا تقبل تأجير غرف للسود، ولذلك فإنه غالبا ما يلتجئ المواطن الأميركي الأسود عند سفره إلى الكنيسة ليقضي بها ليلته، والا لبقي في العراء.
وعنوان الرواية “هوم” حافظ عليه المترجم الفرنسي لما تكتنزه الكلمة من رمز، فالبطل وبعد خوضه الحرب الكورية في صفوف الجيش الأميركي عاد الى وكره في ولاية “اتلانتا” بحثا عن الدفء العائلي الذي افتقده طيلة فترة انضمامه الى الجيش، ولكنه اصطدم بمظاهر العنصرية المقيتة، وأصابه الإحباط وتملكه الشعور بخيبة الأمل في بلاده التي كان من الممكن ان يموت خلال انضمامه إلى الجيش من أجل الدفاع عن قيمها.
وهذه الرواية لتوني موريسون هي العاشرة في انتاجها الأدبي، وهي اقصر رواية أصدرتها، إذ لم يتجاوز عدد صفحاتها المائة و50 صفحة فقط، في حين ان رواياتها التسع السابقة هي روايات مطولة، وجاءت الرواية الجديدة: “هوم” في ستة عشر فصلاً، واجمع النقاد على ان الفصل الأخير كان اشبه ـ في لغته وصوره وتعابيره ـ بقصيدة شعرية. وتعترف موريسون بأنها تعمدت أن يكون حجم روايتها هذه أقل من رواياتها السابقة، وهي تقول إنها عند سردها في فصول الرواية لوقائع فترة الخمسينيات من القرن الماضي لم تقف كثيرا عند الجزئيات وهي كثيرة، ولم ترغب في وصف مستفيض لشخصيات الرواية.
ولاحظ النقاد أن توني موريسون غالبا ما تكون بطلة رواياتها إمرأة، إلا أنها في روايتها العاشرة هذه اختارت أن يكون شابا أسود... وهي تروي عبر أحداث متتالية، قصّة معاناته من أجل فرض ذاته في مجتمع لا يعترف به.
وفي سياق آخر لا تخفي موريسون أنها ساندت بقوة ترشح باراك أوباما للرئاسة، وهي تقول إن شريحة كبيرة من الأميركيين كانوا معترضين على انتخابه فقط لأنه أسود، بل وتؤكد أن هناك من خطط لاغتياله.
وقالت موريسون، وهي صوت يحسب له ألف حساب في اميركا، اعتبارا لمكانتها الادبية والاجتماعية، إنها متأكدة بأنه سيقع اعادة انتحاب باراك اوباما لولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة، مشيرة إلى ان أوباما الذي انخفضت شعبيته كثيرا بسبب الهجوم الشرس الذي يتعرض له كل يوم، والذي يقع تغليفه بأسباب سياسية واجتماعية.. لكن السبب الحقيقي لهذا الهجوم بحسب رأيها، أيعود إلى لون بشرته، وبالتالي فإن العنصرية ضد السود في اميركا لاتزال متجذرة.
وقد وصف بعض النقاد رواية “هوم” بأنها “درة”، والقصة تدور أحداثها في ولاية “جورجيا” الاميركية. وكانت الروائية وفية لأسلوبها القوي والسهل الممتنع في سرد الاحداث ووصف الاشخاص. ومنها ما أبرزته عن امرأة سوداء استعملها طبيب جراح من البيض دون ان يعلمها كـ”فأر مخبر”، وأجرى عليها تجارب يريد التثبت من مدى نجاحها على الانسان.
ولم يخف بعض النقاد ان الروائية الأميركية العملاقة انما اصبحت تكرر نفسها بالتركيز دائما في كل رواياتها الأخيرة على هذه مسألة العنصرية والجراح التي لم تندمل إلى اليوم في نفسية المواطن الأسود.
والبطل في “هوم” يجتر عبر كامل مراحل الرواية جرحا قديما يعود الى فترة طفولته، لما كان في الرابعة من عمره، عندما قدم رجال ملثمون من البيض وطردوا اهله عنوة من منزلهم، وعندما تشبث رجل مسن بالبقاء، تم قتله بوحشية امام اعين بقية افراد الأسرة، وهي الفترة التي انتشرت فيها المجموعة العنصرية المعروفة “كلوكس كلان” والتي انتقمت انتقاماً شرساً من السود.

خلفيات اعلام HD

اعلام اجنبية_flags West

علم انجلترا_england flag

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم كندا_Canada's flag

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم البرازيل_Flag of Brazil

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم المانيا_German flag

 علم ايطاليا_Flag of Italy

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم المكسيك_Flag of Mexico

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم امريكا_American flag

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي
 علم بريطانيا_Flag Britain

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم فرنسا_Flag of France 

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

علم تركيا_Flag of Turkey

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

اعلام عربية 



علم سوريا 

علم سوريا القديم (علم الثورة)


علم المملكة العربية السعودية

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم الجزائر

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم فلسطين

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم قطر

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم اللبنان

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم افغانستا 

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم العراق

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم الأردن 

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي



 علم الأمارات

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم تونس 

اضغط على الصورة لتراها بلحجم الأصلي

 علم مصر 




Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More