أبحاث الكتاب تروم محاورة القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة
اختزال الذات والعالم في كلمات
محمد نجيم
أصدر الشاعر والناقد المغربي الدكتور أحمد أزنيبر كتابه النقدي الجديد تحت عنوان: “الانحياز إلى القصيدة: قراءات في المتن الشعري الحديث بالمغرب”. وفيه جمع زنيبر قراءات نقدية عملت على مساءلة إشكالية الإبداعية في النصّ الشعري المغربي الحديث وفق مقترح منهجي وتحليلي، خلق صداقة جديدة بين الشعر والنقد من جهة، وعلاقة حميمة بين النص والقارئ من جهة ثانية. قراءات في انحيازها إلى القصيدة تسعى إلى تقليص الهوة بين المنجز الحديث والذائقة الشعرية، بعيدا عن الأحكام الجاهزة والادعاءات المسبقة.
وقد عمل المؤلف على مساءلة عدد من التجارب الشعرية المغربية منها تجارب الشعراء: إدريس الملياني، جمال الموساوي، حسن نجمي، صلاح الوديع، عبد الكريم الطبال، محمد بوجبيري ونجيب خداري، بالإضافة إلى تجارب أخرى قرأت في سياق دراسة عامة، منها تجربة محمد بنطلحة وحسن الأمراني ومحمد علي الرباوي ومصطفى الشليح ووفاء العمراني وأمينة المريني ووداد بنموسى وصلاح بوسريف وعبد السلام المساوي وعبد الرحيم الخصار وياسين عدنان ومحمد بودويك وأحمد آيت وارهام وغيرهم. وهي بحسب زنيبر تجارب جسدت ما عرفه ويعرفه المشهد الشعري المغربي من حركية تمتد في الزمان والمكان وتعكس تماسك بنيته وانفتاح دلالته.
لقد كان الشعر ولا يزال أحد الأشكال التعبيرية التي أمكنها، بصور متفاوتة، أن تختزل الذات والعالم في كلمات، تستعيد الماضي وتُلامس اليومي وتشارف الآتي والمستقبل. وبقدر ما يمنحه الشعر من أفق للتفكير والتعبير بقدر ما يحرص هذا الشاعر أو ذاك، على نقل لحظات مكابداته ومعاناته، من جهة، ورسم أشكال تفاعلاته وانفعالاته بالذات والآخر، من جهة ثانية. وما الشعر سوى معبر لهذا الطموح الفني والإنساني. ولأن الشعر حسب أحمد أزنيبر في مقدمة الكتاب هو “تجديد للحياة وتطوير للفكر وانتصار للجمال؛ فإن تلقيه اتخذ أشكالا متعددة تبعا لنوعية القارئ/ المتلقي. ومن ثمة، توالت الأسئلة النظرية واكتسبت مشروعيتها، من قبيل: ما الفارق بين الكلام الشعري والكلام العادي؟ ما الذي يضمن للقصيدة بعديها الواقعي والجمالي؟ كيف تجاوز القصيدة لحظة الكتابة إلى لحظة أكثر انفتاحا؟ ماذا عن الشعراء ومرجعياتهم المعتمدة داخل القصيدة، كإبداع؟ وهل يمكن الحديث عن أجيال شعرية ووفق أي معيار؟ كيف تسنى للشاعر المغربي أن يعبر، بواسطة اللغة وعناصر أخرى مصاحبة، عن محيطه ومجتمعه وما حولهما، وأن يصور ما بالدواخل من هواجس وهموم ورغبات، فردية كانت أم جماعية؟ ما نوع الأسئلة التي راهن عليها الشاعر الحديث، كأفق إبداعي مفتوح على التجارب العالمية والكونية؟ ثم ماذا عن الإيقاع وألوانه الجديدة؟.
ولأن النقد محاورة ومصاحبة للإبداع؛ فإن استحضار شرطي المتعة والفائدة يظلان أمرا مطلوبا يحقق للذات الكاتبة، في تعاملها مع المقروء وصاحبه، فرصة للتواصل والحوار والمكاشفة. وبهذا المعنى، تصبح الكتابة النقدية فعلا ثقافيا بامتياز، لا يقل أهمية عن الكتابة الإبداعية، فهي اختيار نابع من قناعة تجعلها جزءا من اليومي ولحظة لا غنى عنها لمواصلة الطريق اللانهائي، نحو البحث والتأمل وطلب المتعة وجلب الفائدة. هنا يلتقي الإبداعي بالنقدي، فيصيران وجهين لعملة أدبية واحدة.
لاحظ الدكتور زنيبر خلال تتبع لمسار التجارب الشعرية المغربية، التنوع الحاصل في مقاربة الشعراء المغاربة للموضوعات وفي تعاملهم مع القصيدة، كشكل وبناء حيث تنوعت تبعا لذلك، سائر المستويات اللغوية والتركيبية والتصويرية والموسيقية، داخل كل تجربة على حدة موضوعات جاوزت حدود الذات الشاعرة إلى عوالم أخرى واقعية ومتخلية إنسانية وكونية، مما أبان عن غنى وثراء في المرجعية وانفتاح على الثقافات العربية منها والأجنبية.
لقد حضرت “الذات” في هذه التجارب المختارة، بشكل لافت كموضوع أثير لدى أغلب الشعراء؛ غير أن هذا الحضور اتخذ أشكالا مختلفة تفاوتت قيمتها الواقعية و الرمزية في آن، بتفاوت وجهات النظر، وكذلك بتفاوت طرائق الاشتغال لغة وتعبيرا وصورة وإيقاعا.
ولما كانت الذات باعتبارها مصدرا من مصادر الإبداع الشعري، فقد كان رصد علاقاتها بالآخر الشعري تارة، وتصوير حالات تفاعلها وانفعالها بالواقع والمحيط من حولها تارة أخرى، أمرا مبررا يبين عن وعي الشعراء المغاربة بما للشعر من أهمية بالغة في ربط جسور التواصل في ما بينهم كمبدعين وبين القارئ المفترض.
صدر الكتاب عن منشورات اتحاد كتاب المغرب بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويقع في 122 صفحة من القطع الكبير، فيما لوحة الغلاف كانت من تصميم الفنان المغربي خليل غريب.
وقد عمل المؤلف على مساءلة عدد من التجارب الشعرية المغربية منها تجارب الشعراء: إدريس الملياني، جمال الموساوي، حسن نجمي، صلاح الوديع، عبد الكريم الطبال، محمد بوجبيري ونجيب خداري، بالإضافة إلى تجارب أخرى قرأت في سياق دراسة عامة، منها تجربة محمد بنطلحة وحسن الأمراني ومحمد علي الرباوي ومصطفى الشليح ووفاء العمراني وأمينة المريني ووداد بنموسى وصلاح بوسريف وعبد السلام المساوي وعبد الرحيم الخصار وياسين عدنان ومحمد بودويك وأحمد آيت وارهام وغيرهم. وهي بحسب زنيبر تجارب جسدت ما عرفه ويعرفه المشهد الشعري المغربي من حركية تمتد في الزمان والمكان وتعكس تماسك بنيته وانفتاح دلالته.
لقد كان الشعر ولا يزال أحد الأشكال التعبيرية التي أمكنها، بصور متفاوتة، أن تختزل الذات والعالم في كلمات، تستعيد الماضي وتُلامس اليومي وتشارف الآتي والمستقبل. وبقدر ما يمنحه الشعر من أفق للتفكير والتعبير بقدر ما يحرص هذا الشاعر أو ذاك، على نقل لحظات مكابداته ومعاناته، من جهة، ورسم أشكال تفاعلاته وانفعالاته بالذات والآخر، من جهة ثانية. وما الشعر سوى معبر لهذا الطموح الفني والإنساني. ولأن الشعر حسب أحمد أزنيبر في مقدمة الكتاب هو “تجديد للحياة وتطوير للفكر وانتصار للجمال؛ فإن تلقيه اتخذ أشكالا متعددة تبعا لنوعية القارئ/ المتلقي. ومن ثمة، توالت الأسئلة النظرية واكتسبت مشروعيتها، من قبيل: ما الفارق بين الكلام الشعري والكلام العادي؟ ما الذي يضمن للقصيدة بعديها الواقعي والجمالي؟ كيف تجاوز القصيدة لحظة الكتابة إلى لحظة أكثر انفتاحا؟ ماذا عن الشعراء ومرجعياتهم المعتمدة داخل القصيدة، كإبداع؟ وهل يمكن الحديث عن أجيال شعرية ووفق أي معيار؟ كيف تسنى للشاعر المغربي أن يعبر، بواسطة اللغة وعناصر أخرى مصاحبة، عن محيطه ومجتمعه وما حولهما، وأن يصور ما بالدواخل من هواجس وهموم ورغبات، فردية كانت أم جماعية؟ ما نوع الأسئلة التي راهن عليها الشاعر الحديث، كأفق إبداعي مفتوح على التجارب العالمية والكونية؟ ثم ماذا عن الإيقاع وألوانه الجديدة؟.
ويرى الدكتور أزنيبر أن الشعرية الجديدة اليوم، في حاجة ماسة إلى نقد يعرف بها ويقترب من عوالمها المغايرة. نقد يمد جسور التواصل بين الشاعر وقارئه، ويقلص الهوة بين المنجز الحديث والذائقة الشعرية، بعيدا عن الأحكام الجاهزة والادعاءات المسبقة. ولعلنا بهذه القراءات، التي تنحو منحى تحليليا بالأساس وتدعو القارئ للاستمتاع بجمالية المقروء. وقد حاول الكتاب ان يقرأ ـ مرحليا ـ نصوصا مغربية، من هنا وهناك، على سبيل النمذجة ليس إلا؛ رتبت بحسب الأحرف الأبجدية لأسماء الشعراء، منها تجارب كل من إدريس الملياني وجمال الموساوي وحسن نجمي وصلاح الوديع وعبد الكريم الطبال ومحمد بوجبيري ونجيب خداري إضافة إلى تجارب أخرى قرأت في سياق دراسة عامة منها تجربة محمد بنطلحة وحسن الأمراني، ومحمد علي الرباوي ومصطفى الشليح ووفاء العمراني ووداد بنموسى وأمينة المريني وعبد السلام المساوي وصلاح بوسريف وياسين عدنان ومحمد بودويك وآيت وارهام، وغيرهم. تجارب جسدت، بصورة أو بأخرى، ما عرفه ويعرفه المشهد الشعري المغربي من حركية تمتد في الزمان والمكان وتعكس تماسك بنيته وانفتاح دلالته.أسئلة وأخرى، تمثل مدخلا من بين مداخل كبرى، تروم محاورة القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة، بغية استجلاء خصائصها الفنية والجمالية الثانوية فيها، على مستوى الشكل والمضمون معا. ولعلها، في الغالب، أسئلة يعنى بها القارئ والناقد والشاعر، على حد سواء.
ولأن النقد محاورة ومصاحبة للإبداع؛ فإن استحضار شرطي المتعة والفائدة يظلان أمرا مطلوبا يحقق للذات الكاتبة، في تعاملها مع المقروء وصاحبه، فرصة للتواصل والحوار والمكاشفة. وبهذا المعنى، تصبح الكتابة النقدية فعلا ثقافيا بامتياز، لا يقل أهمية عن الكتابة الإبداعية، فهي اختيار نابع من قناعة تجعلها جزءا من اليومي ولحظة لا غنى عنها لمواصلة الطريق اللانهائي، نحو البحث والتأمل وطلب المتعة وجلب الفائدة. هنا يلتقي الإبداعي بالنقدي، فيصيران وجهين لعملة أدبية واحدة.
لاحظ الدكتور زنيبر خلال تتبع لمسار التجارب الشعرية المغربية، التنوع الحاصل في مقاربة الشعراء المغاربة للموضوعات وفي تعاملهم مع القصيدة، كشكل وبناء حيث تنوعت تبعا لذلك، سائر المستويات اللغوية والتركيبية والتصويرية والموسيقية، داخل كل تجربة على حدة موضوعات جاوزت حدود الذات الشاعرة إلى عوالم أخرى واقعية ومتخلية إنسانية وكونية، مما أبان عن غنى وثراء في المرجعية وانفتاح على الثقافات العربية منها والأجنبية.
لقد حضرت “الذات” في هذه التجارب المختارة، بشكل لافت كموضوع أثير لدى أغلب الشعراء؛ غير أن هذا الحضور اتخذ أشكالا مختلفة تفاوتت قيمتها الواقعية و الرمزية في آن، بتفاوت وجهات النظر، وكذلك بتفاوت طرائق الاشتغال لغة وتعبيرا وصورة وإيقاعا.
ولما كانت الذات باعتبارها مصدرا من مصادر الإبداع الشعري، فقد كان رصد علاقاتها بالآخر الشعري تارة، وتصوير حالات تفاعلها وانفعالها بالواقع والمحيط من حولها تارة أخرى، أمرا مبررا يبين عن وعي الشعراء المغاربة بما للشعر من أهمية بالغة في ربط جسور التواصل في ما بينهم كمبدعين وبين القارئ المفترض.
صدر الكتاب عن منشورات اتحاد كتاب المغرب بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ويقع في 122 صفحة من القطع الكبير، فيما لوحة الغلاف كانت من تصميم الفنان المغربي خليل غريب.
0 comments:
إرسال تعليق