كاتب خطب ساركوزي يكشف أحاديث «الليل والنهار» في قصر الإليزيه
قلم الرئيس.. المتكلم
الطيب بشير
هنري جنينو مؤلف كتاب “الليل والنهار” عمل لمدة خمس سنوات مستشاراً خاصاً للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وكان من المقربين منه، وهو الذي كان يحرر له كل خطبه، وقد أصدر هذا الكتاب الذي ضمنه يومياته في قصر الإليزيه وكشف فيه خفايا بعض القرارات، وتولى فيه دفاعاً مستميتاً عن شخص الرئيس السابق وسياسته الداخلية والخارجية.
والمؤلف تمكن من الاطلاع عن كثب على كيفية طبخ القرارات، كما استطاع أن يقف على مختلف التجاذبات بين مستشاري الرئيس، لذلك جاء هذا الكتاب شهادة حية عن كواليس الحكم في قصر الاليزيه خلال السنوات الخمس التي حكم فيها نيكولا ساركوزي فرنسا.
يصف الكاتب ساعة مغادرة ساركوزي قصر الإليزيه يوم انتهاء فترة حكمه، بعد خسارته الانتخابات الرئاسيّة أمام الاشتراكي فرانسوا هولاند يقول: “اجتمع الرئيس بمستشاريه، وقال لنا: “لا يجب أن تشعروا بالمرارة فلا شيء يمكن بناؤه على الشعور بالمرارة”. ويعترف المؤلف الذي كان كبير المستشارين للرئيس أنه هو شخصيا لم يشعر بالمرارة والهزيمة، ملاحظاً أنه يقال إنّ رجل السياسة ـ في أي موقع كان ـ عندما يفقد السلطة فإنه يشعر بحال من الانهيار، ولكن المؤلف ـ حسب زعمه ـ لم يتملكه هذا الإحساس ولكنّه شعر فقط بالحزن ليس لأنه سيغادر قصرالإليزيه الذي عاش، وعمل به خمس سنوات بأكملها، ولكن لأن الرئيس خسر الانتخابات.حسرة وحزن
وذكر المؤلف أنه خلال الأشهر الأخيرة من حكم ساركوزي فإن بعض مساعديه وزملائه كانوا يعبّرون له عن حسرتهم من خسارة ساركوزي المحتملة للانتخابات، فكان ردّه دائما: “إنّ ونستن تشرشل خسر الانتخابات عام 1945 رغم أنه ربح الحرب، وكان ذلك افضل مما لو ربح الانتخابات وخسر الحرب”. ويكشف هنري جنينو أنه عند وصوله إلى الاليزيه لتسلم مهامه، بعد أن اصطفاه الرئيس، لاحظ ان ساركوزي كان محبطا على المستوى الشخصي، وكان يشعر بمرارة كبيرة بسبب قرار زوجته سيسيليا الانفصال عنه وطلبها الطلاق، فلقد عاش الرئيس هذه القصة ـ كما جاء في الكتاب ـ مأساة، فقد تمسكت سيسيليا بالطلاق بعد اكتشافها خيانة زوجها ميكولا ساركوزي لها، ورغم انها أصبحت سيدة فرنسا الأولى، إلا أنها أصرت على الانفصال، وهو ما حز في نفس الرئيس وخلف لديه مرارة.
ويغتنم الكاتب سرد ذكرياته عن فترة عمله مستشارا للرئيس الفرنسي السابق، ليسترجع ذكرياته الشخصيّة متحدّثا عن حزنه العميق لفقدانه والدته مبكرّا، فقد ماتت وهي في الثالثة والأربعين من العمر، عندما كان هو في العشرين، ويعدّد محاسن هذه الأمّ التي قال إنها لم تعرف الراحة يوماً ولم تذق طعم السعادة إلاّ نادرا، علما بأن المؤلف ينتمي الى عائلة بسيطة فأمه كانت تعمل منظفة وهو مجهول الأب.
وقد تخرج هنري غنينو من المعهد العالي للدراسات السياسية بباريس، وعمل في وطائف سامية في عديد هياكل الدولة، كما عمل ايضا مع جاك شيراك قبل ان يلتحق بقصر الإليزيه للعمل مع ساركوزي. وهو في هذا الكتاب يقدم في بعض الصفحات مقارنة بين شخصيتي جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ورغم ان الرأي العام الفرنسي والعالمي يعد جاك شيراك رجل دولة من الطراز الأول، وانه أكثر كفاءة من خليفته نيكولا ساركوزي، إلا أن المؤلف سعى الى تفنيد هذا الرأي السائد، ولكنه لم يكن مقنعا في دفاعه.
يقول المؤلف في كتابه أن صورة نيكولا ساركوزي لدى الرأي العام تختلف عن حقيقته، وبحكم قربه منه على امتداد خمس سنوات بأكملها، فإن هنري جنينو يؤكد أنه تعرف إلى شحصية ساركوزي الحقيقية التي لا تمت بصلة ـ حسب رأيه ـ للصورة التي رسخها الإعلام في أذهان الفرنسيين، والتي قال إنها صورة كاريكاتورية. وواصل المؤلف ـ حتى بعد مغادرة ساركوزي السلطة ـ في عملية تلميع صورته، فيقول في الكتاب في هذا السياق: “إني أذكر محادثتين مع الرئيس ليلا، فبعد تناول العشاء كان أحيانا يزورني في مكتبي، عندما أكون بصدد الكتابة وكنا نتبادل الرأي في مسائل هامة وأساسية، وكنا نتناقش بهدوء فيما يجب أن يقوله الرئيس عندما يكون عنده اجتماع”. ويضيف: “وبعد انتهاء النقاش وتبادل الرأي مع الرئيس، فإني أحيانا أقضي الليل بأكمله إلى مطلع الفجر لأحرر خطاب الرئيس الذي سيلقيه في اليوم التالي”. وقد اختارالمؤلف “الليل والنهار” عنوانا لكتابه للتدليل، على أنه يعمل ليلاً نهاراً في خدمة الدولة ورئيس الدولة الذي اصطفاه مستشاراً له، والخطاب ـ كما يقول المؤلف ـ هو كخيط بين الرئيس والجمهور، والذي يستمع إليه لا يجب أن يقطع أبدا.
والكتاب يأخذ القارئ في رحلة الى أروقة قصر الإليزيه وقاعاته وكواليسه، ويفسر للقارئ كيفية اعداده لخطب الرئيس وأسلوبه في استيعاب أفكار الرئيس لتحويلها الى كلمات وخطب.
تهمة عنصرية
ولأن المؤلف هنري جنينو هو كاتب خطب الرئيس ولأن خطابا ألقاه ساركوزي في عاصمة السنغال داكار أثار عند إلقائه ضجة كبيرة بسبب جملة وردت فيه جاء فيها “إن مأساة أفريقيا هي ان الانسان الإفريقي لم يدخل بعد في التاريخ” فقد أجمع المعلقون على ان الخطاب تضمن أفكارا عنصرية، وأثارت هذه الجملة ردود فعل كثيرة، وعاد المؤلف في كتابه الى هذه المسألة التي أثارت زوبعة ليدافع بصفته محرر الخطاب عن نفسه، مؤكدا أنه ليس عنصرياً إطلاقاً، وان الجملة التي تناقلتها كل الأوساط السياسية والإعلامية تم اجتثاثها من سياقها عمدا وفق ما قاله جنينو. لكن هناك من يؤكد أن المؤلف معروف بنرجسيته، فهو رجل ذكي ولكنه مغرور فكرياً، حتى انه لم يكن يقبل أي تحوير للخطب التي كان يحررها للرئيس رغم اعتراض بعض المستشارين على بعض ما يرد فيها.
وسعى هنري جنينو في كتابه ـ وفاء منه للرئيس ـ الى تقديم صورة مجملة عنه فهو، حسبما جاء في الكتاب، رجل مرهف الأحاسيس وانساني، وهي صورة أراد المؤلف من خلالها محو ما رسخ في أذهان أغلب الفرنسيين عن رئيسهم السابق من أنه رجل انتهازي ومحب للمال والبذخ والبهرج.
ولم يجد هنري غنينو حرجا في القول إن ساركوزي هو رجل “بقدر سعيه بأن يحب بقدر حاجته الدائمة الى الشعور بأنه محبوب، وهو ما جعله هشاً”.
والكتاب تضمن يعض ما رآه المؤلف ولاحظه أثناء عمله في قصر الإليزيه والكثير مما سمعه أو قاله، وقد عاب عليه البعض كثرة كلامه حتى أنهم أطلقوا عليه صفة “القلم المتكلم”..
والمؤلف تمكن من الاطلاع عن كثب على كيفية طبخ القرارات، كما استطاع أن يقف على مختلف التجاذبات بين مستشاري الرئيس، لذلك جاء هذا الكتاب شهادة حية عن كواليس الحكم في قصر الاليزيه خلال السنوات الخمس التي حكم فيها نيكولا ساركوزي فرنسا.
يصف الكاتب ساعة مغادرة ساركوزي قصر الإليزيه يوم انتهاء فترة حكمه، بعد خسارته الانتخابات الرئاسيّة أمام الاشتراكي فرانسوا هولاند يقول: “اجتمع الرئيس بمستشاريه، وقال لنا: “لا يجب أن تشعروا بالمرارة فلا شيء يمكن بناؤه على الشعور بالمرارة”. ويعترف المؤلف الذي كان كبير المستشارين للرئيس أنه هو شخصيا لم يشعر بالمرارة والهزيمة، ملاحظاً أنه يقال إنّ رجل السياسة ـ في أي موقع كان ـ عندما يفقد السلطة فإنه يشعر بحال من الانهيار، ولكن المؤلف ـ حسب زعمه ـ لم يتملكه هذا الإحساس ولكنّه شعر فقط بالحزن ليس لأنه سيغادر قصرالإليزيه الذي عاش، وعمل به خمس سنوات بأكملها، ولكن لأن الرئيس خسر الانتخابات.حسرة وحزن
وذكر المؤلف أنه خلال الأشهر الأخيرة من حكم ساركوزي فإن بعض مساعديه وزملائه كانوا يعبّرون له عن حسرتهم من خسارة ساركوزي المحتملة للانتخابات، فكان ردّه دائما: “إنّ ونستن تشرشل خسر الانتخابات عام 1945 رغم أنه ربح الحرب، وكان ذلك افضل مما لو ربح الانتخابات وخسر الحرب”. ويكشف هنري جنينو أنه عند وصوله إلى الاليزيه لتسلم مهامه، بعد أن اصطفاه الرئيس، لاحظ ان ساركوزي كان محبطا على المستوى الشخصي، وكان يشعر بمرارة كبيرة بسبب قرار زوجته سيسيليا الانفصال عنه وطلبها الطلاق، فلقد عاش الرئيس هذه القصة ـ كما جاء في الكتاب ـ مأساة، فقد تمسكت سيسيليا بالطلاق بعد اكتشافها خيانة زوجها ميكولا ساركوزي لها، ورغم انها أصبحت سيدة فرنسا الأولى، إلا أنها أصرت على الانفصال، وهو ما حز في نفس الرئيس وخلف لديه مرارة.
ويغتنم الكاتب سرد ذكرياته عن فترة عمله مستشارا للرئيس الفرنسي السابق، ليسترجع ذكرياته الشخصيّة متحدّثا عن حزنه العميق لفقدانه والدته مبكرّا، فقد ماتت وهي في الثالثة والأربعين من العمر، عندما كان هو في العشرين، ويعدّد محاسن هذه الأمّ التي قال إنها لم تعرف الراحة يوماً ولم تذق طعم السعادة إلاّ نادرا، علما بأن المؤلف ينتمي الى عائلة بسيطة فأمه كانت تعمل منظفة وهو مجهول الأب.
وقد تخرج هنري غنينو من المعهد العالي للدراسات السياسية بباريس، وعمل في وطائف سامية في عديد هياكل الدولة، كما عمل ايضا مع جاك شيراك قبل ان يلتحق بقصر الإليزيه للعمل مع ساركوزي. وهو في هذا الكتاب يقدم في بعض الصفحات مقارنة بين شخصيتي جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ورغم ان الرأي العام الفرنسي والعالمي يعد جاك شيراك رجل دولة من الطراز الأول، وانه أكثر كفاءة من خليفته نيكولا ساركوزي، إلا أن المؤلف سعى الى تفنيد هذا الرأي السائد، ولكنه لم يكن مقنعا في دفاعه.
يقول المؤلف في كتابه أن صورة نيكولا ساركوزي لدى الرأي العام تختلف عن حقيقته، وبحكم قربه منه على امتداد خمس سنوات بأكملها، فإن هنري جنينو يؤكد أنه تعرف إلى شحصية ساركوزي الحقيقية التي لا تمت بصلة ـ حسب رأيه ـ للصورة التي رسخها الإعلام في أذهان الفرنسيين، والتي قال إنها صورة كاريكاتورية. وواصل المؤلف ـ حتى بعد مغادرة ساركوزي السلطة ـ في عملية تلميع صورته، فيقول في الكتاب في هذا السياق: “إني أذكر محادثتين مع الرئيس ليلا، فبعد تناول العشاء كان أحيانا يزورني في مكتبي، عندما أكون بصدد الكتابة وكنا نتبادل الرأي في مسائل هامة وأساسية، وكنا نتناقش بهدوء فيما يجب أن يقوله الرئيس عندما يكون عنده اجتماع”. ويضيف: “وبعد انتهاء النقاش وتبادل الرأي مع الرئيس، فإني أحيانا أقضي الليل بأكمله إلى مطلع الفجر لأحرر خطاب الرئيس الذي سيلقيه في اليوم التالي”. وقد اختارالمؤلف “الليل والنهار” عنوانا لكتابه للتدليل، على أنه يعمل ليلاً نهاراً في خدمة الدولة ورئيس الدولة الذي اصطفاه مستشاراً له، والخطاب ـ كما يقول المؤلف ـ هو كخيط بين الرئيس والجمهور، والذي يستمع إليه لا يجب أن يقطع أبدا.
والكتاب يأخذ القارئ في رحلة الى أروقة قصر الإليزيه وقاعاته وكواليسه، ويفسر للقارئ كيفية اعداده لخطب الرئيس وأسلوبه في استيعاب أفكار الرئيس لتحويلها الى كلمات وخطب.
تهمة عنصرية
ولأن المؤلف هنري جنينو هو كاتب خطب الرئيس ولأن خطابا ألقاه ساركوزي في عاصمة السنغال داكار أثار عند إلقائه ضجة كبيرة بسبب جملة وردت فيه جاء فيها “إن مأساة أفريقيا هي ان الانسان الإفريقي لم يدخل بعد في التاريخ” فقد أجمع المعلقون على ان الخطاب تضمن أفكارا عنصرية، وأثارت هذه الجملة ردود فعل كثيرة، وعاد المؤلف في كتابه الى هذه المسألة التي أثارت زوبعة ليدافع بصفته محرر الخطاب عن نفسه، مؤكدا أنه ليس عنصرياً إطلاقاً، وان الجملة التي تناقلتها كل الأوساط السياسية والإعلامية تم اجتثاثها من سياقها عمدا وفق ما قاله جنينو. لكن هناك من يؤكد أن المؤلف معروف بنرجسيته، فهو رجل ذكي ولكنه مغرور فكرياً، حتى انه لم يكن يقبل أي تحوير للخطب التي كان يحررها للرئيس رغم اعتراض بعض المستشارين على بعض ما يرد فيها.
وسعى هنري جنينو في كتابه ـ وفاء منه للرئيس ـ الى تقديم صورة مجملة عنه فهو، حسبما جاء في الكتاب، رجل مرهف الأحاسيس وانساني، وهي صورة أراد المؤلف من خلالها محو ما رسخ في أذهان أغلب الفرنسيين عن رئيسهم السابق من أنه رجل انتهازي ومحب للمال والبذخ والبهرج.
ولم يجد هنري غنينو حرجا في القول إن ساركوزي هو رجل “بقدر سعيه بأن يحب بقدر حاجته الدائمة الى الشعور بأنه محبوب، وهو ما جعله هشاً”.
والكتاب تضمن يعض ما رآه المؤلف ولاحظه أثناء عمله في قصر الإليزيه والكثير مما سمعه أو قاله، وقد عاب عليه البعض كثرة كلامه حتى أنهم أطلقوا عليه صفة “القلم المتكلم”..
0 comments:
إرسال تعليق